الرياضة في فلسطين.. مازالت تتمسك بالحياة تمر
الحياة الرياضية في فلسطين خاصة كرة القدم بحالة من الجمود نظرا للأوضاع
المتفجرة والمتلاحقة يوميا في ظل الاحتلال الإسرائيلي والحصار المتزايد ..
إلا أنها مازالت تقاوم وتتمسك بالحياة من أجل البقاء صامدة مثل القضية
الفلسطينية تماما ، وتعيش الحياة الرياضية في فلسطين حالة مضطربة بالتوازي
مع باقي الأوضاع سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ، وهو ينتظر
مثلهم حكومة الوحدة الجديدة ورفع الحصار لتستأنف من جديد نشاطاتها وتقوي
على الصمود والمواجهة في المضمار الرياضي .
وتعاني كرة القدم الفلسطينية معاناة رهيبة جداً، حيث أنها غير قادة علي
إقامة دوري متكامل نتيجة تقطع الضفة إلى حوالي 64 منطقة، وعزل المناطق
والمحافظات عن بعض، إضافة إلى تقطيع غزة إلى خمس مناطق وتقطيع داخل محافظات
الشمال وداخل محافظات الجنوب ، وهذا أثر سلبا على استمرار بطولة الدوري
مما أدى إلى وقفه فى النهاية .
وتأثرت الحياة الرياضية باستشهاد عدد كبير من الرياضيين فى الانتفاضة
ويقدر بحوالي 15 رياضي في محافظات الشمال والجنوب، فضلا عن القصف اليومي
المستمر ، مشيرا إلى ان كل محاولات إقامة دوري موحد فشلت مع عدم التمكن من
إقامة عملية تواصل بين الضفة وغزة لتنظيم دوري واحد بدلا من إقامة دوري في
الضفة واخر في قطاع غزة .. وقد يؤثر ذلك سلبا المنتخب الفلسطيني عند تجميعه
للاستحقاقات المختلفة .
وتمر
حاليا الرياضة الفلسطينية بواقع صعب جداً، بسبب تعرض معظم الملاعب للقصف
المستمر، كما ان الاشتباكات اليومية تؤثر على الحالة النفسية للشباب ،
ومعظم البطولات التي تنظم تكون عبارة عن دورات بسيطة في قاعات مغلقة، مثل
دورات الشهداء ، أو دورات الخماسيات التي تقام في ذكري شهيد أو مناسبة
وطنية معينة.
وينعكس
عدم إلتزام الجانب الإسرائيلي بالاتفاقيات وإخلاله في كل شيء على واقع
الشارع الفلسطيني والشعب بالكامل، بما في ذلك الرياضة الفلسطينية ، حيث
يتفنن الاحتلال فى عرقلة مجرد وصول لاعب من الصفة الغربية أو محافظات
الشمال إلى محافظات الجنوب ، وهناك عقبات كثيرة تعاني منها الفرق الرياضية
الفلسطينية فى التحرك من قطاع غزة إلي نابلس أو أريحا أو اى مكان آخر .
ولعب الرياضيون دورا بارزا فى كفاح الشعب الفلسطيني حيث قام الزملاء
الإعلاميين الرياضيين بأكثر من مبادرة لدعوة وتحفيز الاتحادات والأندية
والمؤسسات الرياضية لمعاودة النشاط الرياضي.
ويعد بلا شك أن أبناء
الحركة الرياضية هم جزء من أنباء الشعب الفلسطيني، وسقط منهم الشهداء
والجرحى وتضررت المؤسسات الرياضية، الأندية، والملاعب إلى آخره، ولكن هذا
لا يمنع من مواصلة ومعاودة النشاط الرياضي على كافة الصعد حسب الإمكانيات .
ولم يكن أشد
المتفائلين بالمنتخب الفلسطيني يتوقعون أن يظهر بالمستوى الذي ظهر عليه، أو
أن يحقق النتائج التي حققها في تصفيات كأس العالم وبطولة آسيا ، صحيح أن
الفريق يقصي عملياً من المنافسة، لكن الصحيح أيضاً أنه خرج برأس مرفوعة
بعدما فرض احترامه على الجميع، رغم نقص الخبرة، وقلة الاحتكاك، وضعف
الإمكانيات، إلا أن الفريق الفلسطيني صمد وتغلب على منتخبات تسبقه بعشرات
المراتب في التصنيف العالمي للفيفا، وتقدم في التصنيف، وكانت كلمة السر في
ذلك "الروح العالية" المستمدة من روح الشعب الفلسطيني المكافح.
وشهدت الحركة الرياضية في فلسطين منذ عودة السلطة الفلسطينية عام 1994
نشاطاً رياضياً مكثفاً بعد انقطاع استمر سبع سنوات هي عمر الانتفاضة الأولى
التي انطلقت عام 1987 .
ويعتبر الاتحاد الفلسطيني الذي تأسس عام 1928 من أول الاتحادات العربية
والآسيوية التي شاركت لمرتين متتاليتين في تصفيات كأس العالم عام 34 و 38
وهو أكثر الاتحادات نشاطاً وحيوية، ونجح رغم الصعوبات الكبيرة التي لازالت
تعترض طريقه من تنظيم ستة مسابقات لبطولتي الدوري والكأس لأندية الضفة
والقطاع .
وكانت العديد من الاتحادات الرياضية وفي مقدمتها الاتحاد
الفلسطيني لكرة القدم قد استعادت عضويتها في الاتحادات الدولية والقارية،
وأصبحت تشارك في العديد من مسابقاتها، فيما حظي الاتحاد الفلسطيني بدعم
مادي ومعنوي من الاتحاد العربي لكرة القدم، أثمر عن عودته للاتحاد الدولي
لكرة القدم "الفيفا" في عام 1998 خلال المؤتمر الحادي والخمسين الذي عقد في
فرنسا، أعقبه العديد من المشاركات للفرق الفلسطينية في المسابقات العربية
والآسيوية، وكانت منتخب فلسطين قد حقق إنجازاً تاريخياً بعد حصوله على المركز الثالث في الدورة العربية التاسعة التي أقيمت في الأردن عام 99.
وقد زارت العديد من الفرق العربية فلسطين وأجرت العديد من المباريات مع
فرقها وكان في مقدمتها فريق الوكرة القطري الذي كان أول فريق عربي يزور
الأراضي الفلسطينية، أعقبه زيارات لبعض الفرق الأردنية، منها فريق الوحدات
والجزيرة والفيصلي، بالإضافة إلى نادي الزمالك المصري، الذي حل ضيفاً على
فلسطين فى احتفالية كبيرة شهدها العالم بأسره تدل علي الحب والوفاء
والمساندة للقضية الفلسطينية .
ولم
تقتصر هذه الزيارات على الفرق الرياضية، حيث قام وفد رفيع المستوى من
الاتحاد الدولي لكرة القدم بزيارة تاريخية لفلسطين وكان على رأسه السويسري
جوزيف سيب بلاتر رئيس الاتحاد الذي أطلع عن قرب على معاناة الكرة
الفلسطينية، كما قام عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي القطري محمد بن
همام مسؤول مشروع الهدف في الفيفا بزيارة لفلسطين تم خلالها التوقيع على
اتفاقية البدء في تنفيذ مشروع إقامة ملعب لكرة القدم ومقر للاتحاد شمال
غزة، وذلك في إطار المساعدات التي تقدمها الفيفا للدول الفقيرة.
كما
زار فلسطين النجم العالمي البرازيلي رونالدو مهاجم فريق ريال مدريد
الأسباني السابق وايه سي ميلان الإيطالي حاليا ، وقام بدعم الشعب الفلسطيني
فى احتفالية كبيرة ، والتقي وقتها بعدد من كبار المسئولين .
ومع اندلاع الانتفاضة في يوليو 2000 ، أعلن الاتحاد الفلسطيني لكرة
القدم عن وقف كافة أنشطته ومسابقاته، بسبب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف
الأندية والمراكز الشبابية، وأوقع المئات من الجرحى وعشرات الشهداء من
أبناء الحركة الرياضية وكوادرها، في حين أصر الاتحاد على مشاركة منتخب
بلاده رغم الحصار والإغلاق في تصفيات المجموعة الآسيوية الثالثة المؤهلة
لنهائيات مونديال 2002 المقامة في كوريا واليابان، مجدداً بذلك عودته بعد
ثلاثة وستين عاماً، حيث عم الشارع الرياضي في فلسطين فرحة غامرة عبرت عنها
كافة الأوساط والجماهير الرياضية في فلسطين بعد النتائج الإيجابية التي
حققها منتخب بلادهم في هذه التصفيات.
وواصل المنتخب الفلسطيني بعد
ذلك مشاركاته فى أكثر من بطولة ودية ورسمية وقدم مستويات جيدة غير انه لم
يحرز اية ألقاب ، وشارك فى تصفيات بطولتى آسيا عامي 2004 ، و 2007 ،
وتصفيات مونديال 2006 ، ولم يسعفه الحظ والإمكانيات والحصار الإسرائيلي
المفروض عليه من النجاح والتأهل إلي النهائيات خاصة انه خاض معظم المباريات
بدون صفوف مكتملة نظرا لعرقلة السلطات الإسرائيلية لحركة دخول وخروج
اللاعبين من وإلي فلسطين لخوض المباريات ، إلا انه فى نفس الوقت قدم عروض
جيدة واثبت قدرته علي المنافسة فى ظل ظروف أفضل .
هذا .. وتلقي الأوضاع المتأزمة يتقدمها الحصار الإسرائيلي بظلالها على مجمل القضايا الحياتية في فلسطين وبضمنها الرياضة .