السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
هذا مقال رائع تم نشره في صحيفة الشرق الأوسط وأحببت أن أنقله لكم مع كتابة تعليقي الشخصي عليه بإذن الله سبحانه وتعالى .
كسر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وللمرة الأولى، حاجز الصمت الذي ظل قرونا طويلة يمنح القدسية للتراث الإسلامي، بعد أن أصدر توصيته السادسة في مؤتمره الأخير، بضرورة مراجعة وتنقية التراث الإسلامي من اجتهادات فقهية أساءت إلى المرأة.
بعد أن شهد التراث الفقهي أو الخطاب الإسلامي إسقاط المفسرين والفقهاء لثقافتهم وذاتيتهم وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم على النص القرآني والحديثي، حتى باتت قراءاتهم للنصوص مجرد أفكار مسبقة ممزوجة بالموروثات الثقافية والحضارية.
وجاء في توصية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنه «يوصى بضرورة تنقية التراث ومراجعة بعض الخطابات المعاصرة التي تهضم حقوق المرأة الشرعية، مع مراعاة أن سلف الأمة كان لهم اجتهاداتهم وفق سياقاتهم الاجتماعية والتاريخية».
وهذا التحرك فكري، وإن بدا متأخرا، إلا أنه يبقى حاجة ملحة لإنقاذ المرأة من أوزار الفقه الذكوري، بعد أن رأى باحثون وإسلاميون ما امتلأ به التراث بالشائع ضد الأنثى، متجنيا فيها على الشريعة الإسلامية، سواء أكان من قبل مفسرين وفقهاء ومحدثين وأدباء، أسقطوا موروثهم الثقافي والاجتماعي والفكري، حتى عوملت المرأة على مثل هذه المفاهيم في المجتمعات الإسلامية، وصيغت الأحكام الفقهية والقضائية ومدونات الأحوال الشخصية ودساتير الدول وأنظمتها وقوانينها الخاصة بها.
التحفظ شمل عددا من التفاسير التي اتكأ عليها عدد من الفقهاء لبناء أحكامهم الفقهية في كل ما يتعلق بالمرأة من حقوقها الدينية والمالية والمدنية والسياسية والتعليمية والثقافية والاجتماعية، فكان منها ما قاله الإمام ابن كثير في تفسير الآية رقم (16) من سورة «الزخرف»: «أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ»: «كذلك جعلوا له (الله) من الأولاد أخسهما وأردأهما وهو البنات»، وذهاب الزمخشري والبيضاوي في تفسيرهما إلى ما ذهب إليه ابن كثير.
إضافة إلى ما ذهب إليه الإمام فخر الدين الرازي بتفسيره قوله تعالى: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا»، قائلا: «فيها مسائل؛ المسألة الأولى قوله: (خلق لكم) دليل على أن النساء خلقن كخلق الدواب والنبات وغير ذلك من المنافع، كما قال تعالى: (خلق لكم ما في الأرض)، وهذا يقتضي أن لا تكون مخلوقة للعبادة والتكليف، فنقول خلق النساء من النعم علينا»، إلى آخر تفسيره للآية.
وقد جعل الفقهاء الزوجة في حال صحتها وعافيتها أَمة مملوكة لزوجها بعقد النكاح، وفي حال مرضها عمارة مستأجرة لعدم إلزامه بعلاجها، كما أورد ابن قدامة في كتابه «المغني» مقولة للإمام الزهري: «لا يقتل الرجل في امرأته لأنه ملكها بعقد النكاح»، ونقرأ لابن علي الجوزي في «أحكام النساء»: «وينبغي للمرأة أن تعرف أنها كالمملوك للزوج.. وينبغي لها الصبر على أذاه كما يصبر المملوك»، حتى بلغ الأمر ببعضهم إلى أن يستشهد بأبيات شعرية لشعراء جاهليين تصف المرأة بالنعجة، أو الناقة، أو البقرة.
ومن هذه النظرة الدونية إلى المرأة بُنيت التفسيرات للآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بالنساء، كما بني على تلك التفسيرات أحكام فقهية، وبنيت أحكام فقهية أخرى على أحاديث ضعيفة وموضوعة وشاذة، هذا ما أكدت عليه الدكتورة سهيلة زين العابدين في ورقتها التي ألقتها في مؤتمر اتحاد العلماء المسلمين، والتي انبثقت منها توصية علماء المسلمين بضرورة مراجعة وتنقيح التراث الفقهي، مضيفة أن معظم تفسير المفسرين القدامى والمحدثين لكلام الله كان بموجب نظرة مجتمعاتهم الدونية إلى المرأة وهذه النظرة لا تمت للإسلام بصلة، ومن كل هذه التفسيرات ظهر حرمان المرأة من أهليتها، وفي العلاقات الأسرية والزوجية، وفي حقوقها الدينية والمالية والمدنية والسياسية والتعليمية والثقافية والاجتماعية، ومدى مشاركتها في الحياة العامة.
وقالت الدكتورة سهيلة إن ثمة علاقة بين القارئ والنص لا يستطيع أحد إنكارها، وهي أن الوعي البشري نسيج من الأهواء والتقاليد والانفعالات، لهذا كان من الصعوبة بمكان الفصل بين أصل النص القرآني والحديثي والفرع، أي مفهوم المفسرين والفقهاء، وذلك بإسقاط ثقافاتهم وذاتيتهم واختياراتهم وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم على النص القرآني والحديثي فتكون قراءاتهم للنصوص مجرد أفكار مسبقة وثقافات ممزوجة بالموروثات الثقافية والحضارية، مضيفة: «يستوي في ذلك قارئا النص الديني والنص البشري، وعليه نجد المفسرين لا يتوانون عن تفسير الآيات القرآنية المتعلقة بالنساء طبقا لنشأتهم المجتمعية، ونظرة مجتمعاتهم إلى المرأة التي لم تتخلص من موروثاتها الفكرية والثقافية الجاهلية».
وقالت الدكتورة سهيلة كثيرا ما نظرت تلك المجتمعات إلى المرأة على أنها دون الرجل قدرا وعقلا ومكانة، وأن الرجل أفضل منها، فهي خلقت لمتعته وخدمته وطاعته، ولا بد من تقويمها وتأديبها، والضرب على يديها، وإلا فسدت وأفسدت، ففسر معظم المفسرين الآيات القرآنية المتعلقة بالمرأة وأهليتها وحقوقها الدينية والمدنية والمالية والسياسية والاجتماعية والعلمية والثقافية، من هذا المنظور، فحرمت من الكثير من هذه الحقوق بنسب متفاوتة بين المجتمعات العربية والإسلامية، كما بنى الفقهاء أحكامهم الفقهية على تلك النظرة، مستندين في أوقات على أحاديث ضعيفة وشاذة ومنكرة.
وأوصت الدكتورة سهيلة بضرورة إعادة تحقيق كتب التفسير والحديث من نسخها الأساسية، فالمعروف - كما ذكرت - أن «المستشرقين هم الذين حققوا هذه الكتب، ولا يُستبعد أنهم دسوا إسرائيليات وروايات وأحاديث ضعيفة وموضوعة وشاذة»، مضيفة إلى ذلك أهمية إعادة تنقيح كتب الفقه وإلغاء منها «باب تأديب الزوجة» وكثير من المصطلحات، واستبعاد منها جميع الأحكام الفقهية المبنية على أحاديث ضعيفة وموضوعة ومنكرة وشاذة، ومرسلة.
من جهته اعتبر الدكتور والمفكر الإسلامي محمد الدحيم اتفاق علماء اتحاد المسلمين على ضرورة إعادة قراءة الخطاب الإسلامي وتنقيح التراث الفقهي لعدم تمثيله حقيقة ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله الكريم الفعلية والقولية، لا سيما في ما يتعلق بالمرأة، ليس بالخطوة الكافية، ويظل – بحسبه – مجرد «عناوين، ودعوات عامة» فرضتها عليهم متغيرات العصر.
وطالب الدكتور الدحيم بضرورة خلق قراءة فقهية جديدة، من خلال إيجاد آليات حقيقية تتكفل بتأمين ذلك، أبرزها، كما أفاد الدكتور محمد الدحيم، الكف عن ممانعة من يقوم بذلك من المفكرين الإسلاميين والعلماء، وتأمين عدم مصادرة مؤلفاتهم أو معاقبتهم في «محاكمات شعبية».
وتبقى «محاولات» رصد عدد من شواهد التراث الفقهي التي بحاجة إلى إعادة بحث وتنقيح من قبل اتحاد العلماء بالنسبة للدحيم غير «كافية» و«متأخرة»، متسائلا: «لماذا ما زال حتى اليوم يمنع كتاب (المرأة في عصر الرسالة) لعبد الحليم أبو شقة، وهو من الكتاب والسنة»، مطالبا بضرورة إدانة الممانعة بحد ذاتها، ومن بعدها «ستتدفق الخيرات»، على حد تعبيره.
وتتفق الدكتورة سهيلة زين العابدين مع الدكتور الدحيم بشأن حجم الإساءة والتشهير بكل من يحاول إيضاح خطأ تلك المفاهيم، مؤكدة أن من يتطرق إلى ضرورة تنقيح التراث الفقهي «يهاجم، ويتهم بالتطاول على علماء الإسلام، وأنه يعمل لصالح أجندة غربية، وأنه يتقاضى الملايين مقابل ذلك، وفاتهم أن الخطاب السائد قد أساء كثيرا إلى الإسلام بنسبة ما ليس فيه إليه».
ويبقى إسقاط الفقهاء لموروثهم الفكري والثقافي والاجتماعي سببا هاما ورئيسيا في تدهور أحوال الأمة الإسلامية، وتقهقرها كما يراه عدد من الفقهاء والمفكرين، فالحاجة ماسة إلى تصحيح ما فيه من مفاهيم خاطئة لآيات قرآنية وأحاديث نبوية صحيحة، مستندة، تلك المفاهيم، على عادات وتقاليد وأعراف وموروثات فكرية وثقافية جاهلية، وما بني عليها من أحكام فقهية لا تتفق مع عدل الله وقيم ومبادئ الإسلام وتشريعاته، حتى أُلصقت تلك المفاهيم بموروثاتها الجاهلية بالإسلام.
وكما قال الدكتور طارق السويدان في حديثه مع «الشرق الأوسط»، إن إحدى أطروحاته الرئيسية في برنامج «رياح التغيير»، تصفية الفكر الإسلامي من الذكورية، وتصفيته من التأثر بالعادات والتقاليد، وتنقيح الفكر الإسلامي من التأثر بالانتماءات السياسية، وتصفيتهم من التأثر بالواقع التاريخي السابق، الذي ما عاد ينطبق على عصرنا الحالي.# إنتهى النقل وهذا هو تعليقي الشخصي عليه :
مقال رائع ومميز وغني ماشاء الله تبارك الله .
واسمحوا لي بأن أعلق على بعض النقاط في المقال ( وأنا هنا أعلق على كلمات ومعاني ولن أعلق على أسماء علماء حتى لا يتم شخصنة التعاليق والردود بإذن الله سبحانه وتعالى ) :
(1) [أخسهما وأردأهما !] وهل أصبحت الفتاة أخس الأبناء وأردأهما ؟!
ألا يعلم من قال بذلك أن واحدة من أمهات المؤمنين تسوى بفضلها جميع الذكور منذ ما بعد عصر التابعين وحتى يوم القيامة ؟!
وألم يلاحظ أنه هو نقطة ضمن هؤلاء الذكور ؟!
لا يوجد أسوأ أو أردأ ، بل يوجد أفعال هي من تحدد هذا الشئ ، وأكبر دليل قصة موسى عليه السلام مع الخضر عندما قتل الغلام الغير صالح لكي لا يرهق والديه بطغيانه ، وقد أبدلهما الله إبنة بارة مطيعة فدخلت بهما الجنة !!
(2) [(خلق لكم) دليل على أن النساء خلقن كخلق الدواب والنبات وغير ذلك من المنافع !] لا أعلم على أي أساس حكم هذا على إن الآية مخاطبة للرجال فقط ؟!
فالآية لم تحدد جنساً محدداً بل قال تعالى : { خلق لكم أزواجا } أي إنه خلق للذكور كما خلق للإناث أزواج لتبادل السكينة ، والدليل أن الأنثى تستمتع بزوجها كما يستمتع هو بها ، عكس الدواب والنباتات وغيرها من المنافع التي تُستخدم للمنفعة دون أن تستفيد هي أو تستمع ، إلا إذا كان سيقول بأن الدابة تستمتع عندما يتم إحمالها ومن ثم ضربها لتمشي أو إن الوردة تستمتع عندما يتم قطفها أو إن السيارة تستمتع عندما يتم قيادتها ( فسأقول وقتها بأنه بالتأكيد مدمن متابعة سبيستون ) !
(3) [ لا يُقتل الرجل في امرأته لأنه ملكها بعقد النكاح ! ] إذا كان حتى لو ضبطها متلبسة بخيانته لا يجوز له قتلها وإنما يأتي بأربعة شهود أو إنه يرفع دعوى عند القاضي ويتم تطبيق ( اللعان ) ، كما إن الحد الشرعي فيمن تخون زوجها هو نفسه الحد فيمن يخون زوجته وهو ( الرجم بالحجارة حتى الموت ) .
فكيف وعلى أي أساس حكم هذا بأن الزوج لا يُقتل بزوجته ؟!
ألم يقرأ أو يسمع على الأقل قصة عمر مع الرجل الذي جاءه يتهم زوجته بالزنى وقد جاء بأربعة شهود عندما شهدوا جميعاً بنفس الشئ ماعدا الرابع وماذا فعل عمر بالزوج والشهود الثلاثة ؟!
فلو كان مالكها بعقد النكاح فلماذا يعاقب على اتهامه لها ( علماً أن الإتهام لم يكن زوراً لكن الرابع لم يكن قد رأى كل شئ ! ) .
(4) [وينبغي للمرأة أن تعرف أنها كالمملوك للزوج.. وينبغي لها الصبر على أذاه كما يصبر المملوك ! ] إذا كانت كذلك فعلاً فلماذا أجاز الشرع للمرأة طلب الخُلع في حالة تأذيها من زوجها وعدم مقدرتها على الحياة معاه ؟!
بل إن إحدى الصحابيات رضي الله عنها طلبت من زوجها الطلاق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فذهب الصحابي رضي الله عنه وطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يتوسط له عندها ، وقد فعل صلى الله عليه وسلم لكنها أصرت على طلبها لمجرد أنها كارهة له وللحياة معاه فأمره صلى الله وعليه وسلم بتطليقها كما تريد ، فهل كان سيحدث هذا لو كان زوجها قد ملكها بعقد النكاح ؟!
لا أعلم لماذا يحاول البعض أن يخرج بشرع جديد من عنده ؟!
للأسف الشديد فعلاً أن العديد من الفتاوى تأثرت كثيراً بالموروثات والعادات والتقاليد !!
لماذا لا يملكون الجرأة بالإعتراف بأن حكم الشرع يقول هكذا لكنهم على المستوى الشخصي يرون برأي معاكس ؟!
لكن أن يفتون برأيهم المعاكس فهم هكذا يؤثرون على مجتمع كامل ويحملون ذنب كل من تبع فتواهم تلك دون أن يُنقص ذلك من ذنوب هؤلاء التابعين لهم شيئاً !!
فمثلاً أنا أعلم بأن عمل المرأة مباح حتى لو كان مختلطاً فالصحابيات رضي الله عنهن عملن بالتمريض ولم ينكر ذلك عليهن أحد لا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أي أحد من صحابته الكرام رضي الله عنهم جميعاً ، لكنني كشخص لا أرضى أن تعمل زوجتي في غير ملكها خاصةً لو كان عملاً مختلطاً ، فلم آتي وأنكر الحكم الشرعي وأقوم بإلباس الشرع ذنب تفكيري هذا .
الله يهدي جميع المسلمين والمسلمات للسراط المستقيم عاجلاً غير آجل يارب .
.